مظاهرات الغضب في مصر

حرب شوارع بين المتظاهرين والشرطة في عدد من المحافظات

* الحزب الحاكم: نتفهم مطالب الشباب والحكومة تحذر من الخروج على النظام

[size=9]مصرية تصرخ في وجه أحد رجال مكافحة الشغب أثناء محاولته تفريق محتجين في القاهرة أمس (رويترز)

استمرت حالة الغليان في
مصر أمس لليوم الثاني على التوالي احتجاجا على تدني الأوضاع المعيشية
والسياسية، وهو اليوم الذي يوافق الذكرى التاسعة والخمسين لحريق القاهرة
الشهير الذي وقع في اليوم نفسه عام 1952. ولم تفلح القبضة الأمنية الصارمة
المزودة بآليات مصفحة في الحد من تجدد المظاهرات في العاصمة القاهرة، وفي
عدد من المحافظات المصرية. بينما انطلقت دعوات إلكترونية تدعو المصريين
إلى الخروج عقب صلاة «الجمعة» غدا للشارع والتظاهر تحت عنوان «يوم الغضب
الأكبر». ولم تكد تنعم
العاصمة القاهرة صباح أمس بهدوء مشوب بالحذر وسط تواجد أمني غير مسبوق،
حتى تجددت المظاهرات المطالبة برحيل نظام الرئيس المصري حسني مبارك في عدة
مناطق، وذلك بعد أن فضت قوات الأمن في ساعة مبكرة من صباح الأمس اعتصاما
لآلاف المصريين بميدان التحرير، أكبر ميادين العاصمة، رافعين المطالب
نفسها، وفيما أصدر الحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم) بيانا أبدى فيه تفهمه
لمطالب الشباب، وطالبهم بعدم اللجوء إلى العنف، معربا عن احترامه لحق
المواطنين في التعبير عن آرائهم ومطالبهم، حذر الدكتور أحمد نظيف رئيس
مجلس الوزراء من أنه سيكون هناك تدخل قوي وسريع من جانب رجال الشرطة
والأمن للحفاظ على الأمن العام. والتقى الدكتور مفيد شهاب وزير الشؤون
القانونية والمجالس النيابية السفيرة الأميركية لدى القاهرة في لقاء لم
يعلن عنه من قبل.

وانتشر رجال أمن يرتدون ملابس مدنية في أغلب شوارع وسط القاهرة، وأوقفوا
عددا من الشباب الذين اشتبهوا في نيتهم التظاهر، وشاهدت «الشرق الأوسط» نحو
35 شابا محتجزين داخل سيارات الشرطة بميدان عبد المنعم رياض أمام المتحف
المصري. وقالت الشرطة المصرية إن عدد المعتقلين على مدار اليوم بلغ 90
معتقلا، حاولوا التظاهر في ميدان التحرير الذي ذهبوا إليه في مجموعات صغيرة
تتراوح بين 3 – 5 أشخاص، رغم أن وزارة الداخلية أصدرت بيانا صباح أمس
أكدت فيه عدم السماح بأي تحرك أو تجمع احتجاجي أو تنظيم مسيرات أو
مظاهرات، مؤكدة أنها سوف تتخذ الإجراءات القانونية فورا وتقدم المشاركين
إلى جهات التحقيق. وأغلقت الشرطة مداخل ومخارج محطة مترو الأنفاق بميدان
التحرير أكبر ميادين القاهرة، فيما لم يتوقف قطار الأنفاق في المحطة.

وفي السويس، شيعت أمس جنازات 4 متظاهرين قتلوا برصاص الشرطة وسط تواجد أمني
مكثف، ومنع الأمن التشييع الجماعي للجنازات، منعا لتحول الجنازات إلى
مظاهرات. وقال شهود عيان إن اشتباكات بالأيدي وقعت عصر أمس بين مئات
المتظاهرين وقوات الشرطة عند مشرحة السويس بسبب رفض قوات الشرطة تسليم
جثمان متظاهر قتل بالرصاص إلا بعد توقيع الكشف الطبي عليه من جانب الطب
الشرعي.

وحاول المتظاهرون الذين يصل عددهم إلى نحو ألفي متظاهر اقتحام مشرحة
السويس، إلا أن قوات الأمن منعتهم ودفعت بسيارة مطافئ إلى المنطقة فيما
فرضت طوقا أمنيا مشددا حولها، فيما دارت اشتباكات متفرقة بين المتظاهرين
والأمن في أنحاء مختلفة من السويس.

وفي الإسكندرية، انتشرت قوات الأمن بكثافة في كل الميادين والشوارع
الرئيسية التي حوصرت تماما بعربات الأمن المركزي ورجال شرطة يرتدون ملابس
مدنية فرضوا متاريس حديدية على كل الأماكن المهمة التي يتوقع أن يتظاهر
المحتجون أمامها منها: مبنى محافظة الإسكندرية ومحكمة الحقانية بميدان
المنشية ومديرية أمن الإسكندرية وميدان محطة الرمل، ليلجأ المحتجون إلى
شوارع منطقة «غبريال» الشعبية بشرق المدينة، مطالبين بالإصلاح الاقتصادي
والسياسي.

وفي سيناء، قال شهود عيان إن العشرات من بدو سيناء تظاهروا لليوم الثاني
على التوالي وقاموا بإشعال الإطارات المطاطية في قرية المهدية القريبة من
الحدود بين مصر وإسرائيل، مطالبين بالإفراج عن المعتقلين من أبناء سيناء
الذين ألقي القبض عليهم على خلفيات سياسية وجنائية عقب تفجيرات سيناء التي
وقعت عام 2006 وقتل وأصيب فيها العشرات من الأجانب والمصريين
والإسرائيليين إضافة إلى عمليات تهريب عبر الحدود.

وفي محافظة المنوفية، تحولت مدينة شبين الكوم، عاصمة المحافظة مسقط رأس
الرئيس المصري مبارك، إلى ثكنة عسكرية للتصدي لمظاهرة احتجاجية شارك بها
العشرات من الشباب والمواطنين من أعضاء حركة 6 أبريل (نيسان) بميدان عمر
أفندي أكبر ميادين المدينة، ونشطاء الإنترنت وجماعة الإخوان المسلمين
احتجاجا على غلاء الأسعار والبطالة، وتردي الخدمات بالمحافظة التي تعتبر من
أكثر محافظات مصر كثافة سكانية وفقرا، فيما اعتقلت الشرطة 14 من
المتظاهرين.

وفي أول تعليق حكومي على تصاعد الأحداث في مصر خلال اليومين الماضيين، خرج
الدكتور أحمد نظيف رئيس مجلس الوزراء ليؤكد حرص حكومته على ضمان حرية
التعبير من خلال الوسائل المشروعة، وقال إنها التزمت بذلك خلال التجمعات
الاحتجاجية التي جرت في مصر أول من أمس، محذرا في الوقت نفسه من أنه سيكون
هناك تدخل قوي وسريع من جانب رجال الشرطة والأمن للحفاظ على الأمن العام
في حالة الخروج عن الأمن. إلى ذلك، أصدر الحزب الوطني الديمقراطي (الحاكم)
بمصر بيانا رسميا، أعرب فيه عن تفهمه لمطالب الشباب، وطالبهم بعدم اللجوء
إلى العنف، معربا عن احترامه لحق المواطنين في التعبير عن آرائهم
ومطالبهم، باعتباره حقا دستوريا وقانونيا، ويعتبره جزءا من عملية التطور
الديمقراطي الذي يؤمن به الحزب.